من بين المبادئ التي نادى بها الدّين البهائيّ مبدأ وحدة الأديان ودوام تعاقبها، وهو أنّ الأديان واحدة في أصلها وجوهرها، ولكن تختلف أحكامها من رسالة إلى أخرى تبعًا لما تقتضيه الحاجة في كلّ زمان. فالبشريّة في كلّ طور من أطوار تقدّمها، لها مطالب وحاجات تتناسب مع ما بلغته من رقيّ ماديّ وروحانيّ، ولا بدّ من ارتباط أوامر الدّين ونواهيه بهذه الحاجات والمطالب. وهناك مبدأ توافق العلم والدّين، إذ بهما تميّز الإنسان على سائر المخلوقات. فالعلم والدّين هما السّبيلان للمعرفة؛ الدّين هو المصدر الأساسيّ للأخلاق والفضائل وكلّ ما يعين الإنسان في سعيه إلى الكمال الرّوحانيّ، بينما يسمح العلم للإنسان أن يلج أسرار الطّبيعة ويهديه إلى كيفيّة الاستفادة من قوانينها في النّهوض بمقوّمات حياته وتحسين ظروفها. فبهما معًا بتناغم وانسجام تجتمع للإنسان وسائل الرّاحة والرّخاء والرّقيّ مادّيًّا وروحانيًّا.
أمّا نبذ جميع التّعصّبات، فهو من المبادئ الهامّة في الدّين البهائيّ. فالتّعصب أيّا كان جنسيًّا أو عنصريًّا أو سياسيًّا أو عرقيًّا أو مذهبيًّا، هو سبب الحروب والاضطهادات والانقسامات. إنّ البهائيّة بإصرارها على ضرورة القضاء على التّعصّب، إنّما تحرِّر الإنسان من نقيصة مستحكمة، وتبرز دوره في إحقاق الحقّ وأهمّيّة تحلّيه بخصال العدل والنّزاهة والإنصاف.
ويُعتبر مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين الرّجال والنّساء مبدءًا حيويًّا للبهائيّين؛ فالمرأة والرّجل عند الحقّ سواء، وهو تعالى الّذي خلق الإنسان على صورته ومثاله في ما كُنِز فيه من الصّفات الإلهيّة في مرتبة الإنسان، ولم يفرّق بين الرّجل والمرأة. إنّ تحقيق المساواة بين مُكوِّني المجتمع البشريّ يتيح الاستفادة التّامّة من خصائصهما المتكاملة، ويسرع بالتّقدّم الاجتماعيّ والسّياسيّ، ويضاعف فرص الجّنس البشريّ لبلوغ السّعادة والرّفاهيّة. وكذلك الأمر في مبدأ التّعليم الاجباريّ، فهو حقّ للجميع، لأنَّ الجّهل هو السّبب الرّئيس في انهيار الشّعوب وسقوطها وفي تغذية التّعصّبات وبَقائها. فلا نجاح لأيّة أُمَّةٍ دون أن يكون العلم من حقّ كلّ مُواطِنٍ فيها، رجلاً كان أم امرأة.